نسف الدليل العقلي في طول عمر المهدي والقائل إن الأرض لا تخلو من حجة.
نسف الدليل العقلي في طول عمر المهدي والقائل إن الأرض لا تخلو من حجة.
#مظفر_العميد
قبل أن ندخل في شرح معنى الإخبار القائلة أن الأرض لا تخلو من حجة عينا أن نعرف هذا المفهوم قرآنياً فهو الفيصل الحكم.
#قال تعالى {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء : 165] ورد في تفسير هذه الآية المباركة : لئلا يحتـجّ من كفر بـي وعبد الأنداد من دونـي، أو ضلّ عن سبـيـلـي بأن يقول إن أردت عقابه: { لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ } [طه: 134](1)
#ومن_هنا يمكن أن نطرح السؤال التالي لماذا لم يرسل الله تعالى ملائكة ليكون اليقين ابلغ برؤية ملائكة شداد غلاظ ومعاجز كبرى {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} [الإسراء : 95] لماذا هذه السنخية في الخلق بين المُرسَل والمُرسَل إليهم؟ الجواب أن الحجية تكمن في المنهج والسيرة العملية فالملائكة لا حجة لهم على البشر من جهة الاستطاعة في التغلب على أهواء النفس والاستقامة حيث خلقوا مجردين من الشهوة, فليس من حكمته جل شأنه أن يحتج على المذنبين من البشر بخلق آخر ليس من سنخهم ولهذا احتج عليهم ببشر مثلهم يشعر بما يشعرون ويشتهي ما يشتهون.
#وهنا مدام الله تعالى قد ختم الأديان وأتم النعمة, فأي حجة بعد ذلك تكون بعد النبي صلى الله عليه وآله؟ الجواب لو فهمنا المراد من بعثة الأنبياء في قوله تعالى {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } [الحديد : 25] ولوجدنا أن العدل هو الغاية وأن السعي إليه عبادة بحد ذاتها فهي عبادة تجمع كل فروع الإحسان إلى الناس وطاعة الرب الرحيم ورسله وعلى خلافها يكون العقاب والحساب لمن ظلم وآذى وتجبر وأفسد في الأرض.
#فإذن لابد من حجة لله بسيرة ومنهج وشخصية تقيم العدل في الأرض في أضل الفتن وأعمق الشبهات وهذا ينبغي أن يكون من نفس المجتمع ومن سنخه لتكون الحجة بالغة على الأولين والآخرين ممن يدعي أن العدل ممتنع تطبيقه كطبيعة للبشر. (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ), ثم لا يحاسب بعد ذلك جائر أو ظالم, فإقامته للعدل بما هو شخص من أهل زمانه سيكون أبلغ وأتم في الحجة من شخص قد مُنح منهجه بتجارب عمره الطويل وإعجاز الحفظ ومعرفة الخفي من الأمور بالإيحاء وتحركه بين بقاع الأرض كالملائكة فيقيم العدل بهذا الاعجاز وتبطل حجته على الاخرين بعدم استطاعتهم لعدم امتلاكهم مثل هذه المعجزات .
#أما حين نريد أن نثبت أن الدليل العقلي القائم على قاعدة (الأرض لا تخلو من حجة) لا يمكن أن يثبت ولادة المهدي عام 255 هـ عقلاً بل يمكن أن ينفيها أيضا بل ينسفها إذا ما أخذنا مفهوم الحجة قرآنياً كما قلنا كقرينة معه . وعرفنا بعد ذلك أن المعصوم غير باق وأن الحجة ينبغي أن تكون باقية إلى يوم القيامة فعن الإمام الصادق عليه السلام قال(2): ((ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة لله فيها، ظاهر مشهور، أو غائب مستور، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها، ولولا ذلك لم يعبد الله)) فالحديث عن الغائب المستور والشمس خلف السحاب ليس بالضرورة حديث عن المهدي لأن الإمام قال لم تخلو من غائب مستور, أي فيما مضى من زمان الصادق ـ عليه السلام ـ ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة أي فيما يستقبل من زمانه أيضاً, فهنا الحجة أعم من اثني عشر إماماً معصوماً ليقيننا أن الأرض قد خلت من المعصوم قبل بعثة النبي صلى الله عليه واله وأنها ستخلو بعد وفاة المهدي.
#وبذلك نثبت أن الدليل العقلي القائل بلزوم وجود الحجة يتلاءم مع ولادة المهدي في فجر زمان ظهوره أكثر من الصورة الملكوتية التي أعطيت للمهدي عن مدعى ولادته عام 255 هـ وبذلك يبطل أهم دليل يقول بلزوم ولادة المهدي آنذاك قائم على مبنى عقلي.
المصادر:
(1) جامع البيان في تفسر القرآن للطبري ت310 هـ
(2) الأمالي - الشيخ الصدوق - الصفحة ٢٥٣
اكتب وصف المشرف هنا ..
اشتراك
الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني
شارك الموضوع
مواضيع ذات صلة