عقيدة المهدي في عهد
الرضا بين الكوفيين وتنامي الكهانة الفارسية
مظفر العميد
يطلعنا المؤرخون على
أن مكانة الكهنوت المنجمين في عهد المأمون العباسي قد عادت لترتقي بشكل كبير في
المراكز المرموقة للحكم لتساهم في صياغة العقيدة وإدارة شؤون الدولة كما ذكرنا وحتى
في رسم التحركات العسكرية وفقا لطوالع النجوم(1), في ذلك الوقت الذي أعلن فيه
المأمون كخليفة للمسلمين تفضيل على بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ على باقي الخلفاء
الراشدين رضي الله عنهم (2) ولا نريد الخوض في نوايا المأمون هل كانت بناءاً على
صحوة عقائدية أم مقتضيات مصلحة سياسية أم غير ذلك المهم, وكما يقال أنه أراد إرضاء
العلويين وكسب تأييدهم وخصوصا أنه في مواجهة مع أخيه الأمين من جهة والثورات العلوية
من جهة أخرى, فتسليم ولاية العهد لعلي بن موسى الرضا ـ عليه السلام ـ من شأنها أن
تسقط شرعية الثورات المليشياوية العلوية (3).
إلى هنا تدخل
السياسية والتنجيم والكهانة خط التشيع بأعلى المراتب القيادية ومنها وزارة الفضل
بن سهل وأخيه الحسن ابن سهل(4)
وعلى هذه وطبقا لثمرة
المرجوة من هذا البحث ينبغي أن نعرف ما هي
عقيدة الشيعة الأصحاب في المهدي في عهد الرضا ـ عليه السلام ـ كي يتسنى لنا مقارنة
هذه العقيدة بين مجتمع ما قبل تغلغل الكهانة والتنجيم الديني السياسي ومجتمع ما
بعدها.
فهذا أيوب بن نوح(5) يسأل الرضا عليه
السلام :إنا
لنرجو أن تكون صاحب هذا الأمر (6)
فنفهم من ذلك أن أبن نوح لم يكن يعتقد أن صاحب الأمر الذي يملأها عدلاً هو الثاني
عشر محمد بن الحسن العسكري فمن هو أيوب ؟ أيّوب بن نوح بن درّاج النخعي أبو الحسين،
كان وكيلاً لابي الحسن وأبي محمد عليهم السلام، عظيم المنزلة عندهما مأموناً، وكان
شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في رواياته، والده نوح
بن دراج النخعي الكوفي، أحد أصحاب الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ ومن الرواة الثقاة،
وكان قاضيا، قيل مرقده بضواحي مدينة كربلاء المقدسة، واشتهر بإمام نوح. وعمه جميل بن
درّاج فقيه ومحدث شيعي ومن أصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الرضا عليهم
السلام، وقد كانت له منزلة عظيمة، وهو من أصحاب الإجماع. (7) فلاحظ هذه المكانة
السامية من الأئمة عليهم السلام فهو راو ابن راو وعمه روا ومن أصحاب الإجماع القات
المأمونين و لم تكن عقيدته بأن محمد بن الحسن العسكري هو الثاني عشر ولم يرد عليه
الرضا ـ عليه السلام ـ بل أن الرضا ـ عليه السلام ـ لم يصحح له عقيدته وإنما يخبره أن المهدي رجل خفي المولد والمنشأ غير خفي النسب
أشارة إلى الاعتقاد الصحيح من الأخبار التي وردت عن رسول الله ـ صلى الله عليه
وآله ـ أن نسب المهدي هو من ذرية فاطمة ـ عليها السلام .
ومن هذه
الرواية ومن مكانة هذا الراوي ومما سنذكره
لاحقا من أمثالها سنتيقن ما هي عقيدة القوم في المهدي في زمن معاصري الأئمة عليهم
السلام فإذا لم يكن أيوب بن نوح الكوفي
يعرف المهدي الثاني عشر فكيف نصدق بروايات المجاهيل. بعد هذا عندها سنفتش عن الدس
والتحريف الذي حصل وسيتضح كيف اخُتلقت فكرة الولادة عام 255 هـ
1- بحار
الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٥ - الصفحة ٣٠١/
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم - السيد ابن طاووس - الصفحة ١٣٢ / كتاب الخليفة والمنجم
سياسات التنجيم الحكمي في العصر العباسي د. عبير العباسي ص12
2- تاريخ الخلفاء من أحداث سنة أثني عشرة /كتاب
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ج2 ص 249
3- وكي شيعة
5- ونفس المصدر
6- كتاب
الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ج ١ - الصفحة ١٧١
من أخبار المصادر
1- البحار : وممن اشتهر بعلم النجوم من المنسوبين إلى مذهب الإمامية
الفضل بن سهل وزير المأمون فروى محمد بن عبدوس الجمشاري وغيره ما معناه أنه لما وقع
بين الأمين والمأمون ما وقع واضطربت خراسان وطلب جند المأمون أرزاقهم وتوجه علي بن
عيسى ابن ماهان من العراق لحرب المأمون وصعد المأمون إلى منظره للخوف على نفسه من جنده
ومعه الفضل وقد ضاق عليه مجال التدبير وعزم على مفارقة ما هو فيه أخذ الفضل طالعه ورفع
أصطرلابا وقال: ما تنزل من هذه المنزلة إلا خليفة غالبا لأخيك الأمين، فلا تعجل! وما
زال يسكنه ويثبته حتى ورد عليهم في تلك الساعة رأس علي بن عيسى وقد قتله طاهر، وثبت
ملكه، وزال ما كان يخافه، وظفر بالأمان. وروي خبر آخر أيضا مثل ذلك.
السياسة والتنديم : هذا الخبر الذي يحكيه ابن خلدون
في مقدمته يبين كيف أصبح المنجـمون مفردة هامة في قائمة
الهدايا القيـمة المتبادلة بين ملوك ذلك العصر، ويكشف عن
المكانة العالية التي تبوأها منجـمو القصر في فترة حكم المأمون
بخاصة. فحركة الترجمة التي بلغت أوجها في عهده، وما أ
ثرت به علم التنجيم من أسس معرفية عززت من مصداقيته عند الخاصة
والعامة، ومصاهرة الخليفة المأمون لأسرة بني سهل
التي اشتهرت بالتنجيم وتقلـدت العديد من المناصب الوزارية
في عهده، كلها عوامل اجتمعت وتضافرت لتمكـن للتنجيم من
بلوغ ذروة عليائه في عصر الخلافة العباسية
البحار :
الكامل في التاريخ
الفضل أشار إلى المأمون بتولية الرضا عليه السلام
وفيها اسلم الفضل
بن سهل على يد المأمون، وقيل بل أسلم أبوه سهل على يد المهدي، وكان محبوسأن وقيل أسلم
الفضل وأخوه الحسن على يد يحيى بن خالد، فاختاره يحيى لخدمة المأمون، فلهذا كان الفضل
يرعى البرامكة، ويثني عليهم، ولقب بذي الرئاستين لأنه تقلد الوزارة والسيف، وكان يتشيع،
وهوالذي أشار على المامون بالعهد لعلي بن موسى الرضي، عليه السلام.
2- وفي سنة اثنتي عشرة أظهر المأمون القول
بخلق القرآن مضافاً إلى تفضيل علي على أبي بكر وعمر فاشمأزت النفوس منه وكاد البلد
يفتتن ولم يلتئم له من ذلك ما أراد فكف عنه إلى سنة ثمان عشرة.
3- طلب
المأمون العباسي من الإمام الرضا (ع)، أن يكون ولي عهده في الخلافة، فرفض الإمام ذلك،
كما تشير جملة من الأخبار والروايات، غير أنّ المأمون التجأ إلى تهديد الإمام الرضا،
بالتصريح تارة وبالتلويح أخرى، ممّا دفع بالإمام ولحفظ الدماء، لقبول ولاية العهد بشرط
أن لا تكون له أي سلطة تشريعية أو تنفيذية في حكم المأمون من قبيل: التنصيب والعزل،[118]
فقبل المأمون ذلك، لأنّ دوافعه في تولية الإمام ولاية العهد، كانت كالتالي: تهدئة
الأوضاع الداخليّة: بعد تسلّم المأمون الخلافة بسنة واحدة أي سنة 199 هـ، اندلعت ثورات
واسعة قادها العلويّون، حيث خرج أبو السرايا السريّ بن منصور الشيبانيّ بالعراق، ومعه
محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل الحسنيّ، فضرب الدارهم بالكوفة بغير سكّة العبّاسيين،
وسيّر جيوشه إلى البصرة، وقد توزّعت الثورة على عدّة جبهات...ولأجل كل هذا كان الهدف
الأوّل من دعوة الإمام الرضا (ع) إلى خراسان تحويل ساحة المواجهة العنيفة والملتهبة
إلى ساحة مواجهة سياسية هادئة.
سلب القداسة والمظلومية عن الثورة: فإنه
لم تكن لثورات الشيعة لتقف عند حدّ، وهذه المواجهات كان لها خاصّيّتان:
المظلوميّة: الّتي كانت تتمثّل بانتزاع
الخلافة والاضطهاد والقتل الّذي تعرّض له أئمّة أهل البيت من عهد الإمام عليّ (ع) إلى
عهد مولانا الرضا وما بعده.
القداسة: فهي التي يمثّلها الإمام المعصوم
من خلال ابتعاده عن أجهزة الحكم، وقيادة الناس وفقاً لمنهج الإسلام الذي يراه أصيلاً،
فالمأمون العباسيّ أراد من خلال ولاية العهد أن يسلب هذه القداسة والمظلوميّة اللّتَيْن
تشكّلان عامل النفوذ الثوريّ في المجتمع الإسلاميّ, لأنّ الإمام عندما يصبح وليّ عهد
سينضمّ، حسب تصوّر المأمون، إلى أجهزة الحكم وينفذ أوامر الملك في التصرّف بالبلاد
إذاً فهو لم يعد لا مظلوماً ولا مقدّساً.
إضفاء المشروعيّة على الخلافة العباسيّة:
فمبايعة الإمام الرضا للمأمون تعني حصول المأمون على اعتراف من العلويّين، على أعلى
مستوى، بشرعيّة الخلافة العباسيّة. وقد صرّح هو بذلك بقوله: فأردنا أن نجعله وليّ عهدنا،
ليكون دعاؤه لنا، وليعترف بالملك والخلافة لنا؛ لأنّ هذه البيعة تعني بالنسبة إلى المأمون:
أنّ الإمام يكون قد أقرّ بأنّ الخلافة ليست له دون غيره، ولا في العلويّين دون غيرهم؛
ولذلك إنّ حصول المأمون على هذا الاعتراف - ومن الإمام خاصّة - يُعتبر أخطر على العلويّين
من الأسلوب الّذي انتهجه أسلافه من الأمويين والعباسيين ضدّهم، من قتلهم وتشريدهم،
وسلب أموالهم.
وقد صرّح الإمام الرضا (ع) في خصوص توليه
لولاية عهد المأمون قائلاً: ما زادني هذا الأمر (ولاية العهد) الذي دخلت فيه في النعمة
عندي شيئا، ولقد كنت بالمدينة وكتابي ينفذ في المشرق والمغرب، ولقد كنت أركب حماري
وأمر في سكك المدينة وما بها أعز منِّي.
4- وممن
اشتهر بعلم النجوم من المنسوبين إلى مذهب الإمامية الفضل بن
سهل وزير المأمون الذي تعصب لمولانا الرضا صلوات الله عليه أبلغ العصبية، وقد ذكره جدي أبو جعفر الطوسي في
كتاب الرجال من أصحاب الرضا عليه السلام وقد ذكرنا فيما تقدم ما يدل على علمه بها
5- قال
النجاشي: أيّوب بن نوح بن درّاج النخعي أبو الحسين، كان وكيلاً لابي الحسن وأبي محمد
عليهم السلام، عظيم المنزلة عندهما مأموناً، وكان شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في
رواياته،
وأبوه نوح بن دراج النخعي الكوفي، أحد أصحاب الإمام
الصادق عليه السلام ومن الرواة الثقاة، وكان قاضيا، قيل مرقده بضواحي مدينة كربلاء
المقدسة، واشتهر بإمام نوح. أخوه جميل بن دراج وابنه أيوب من أصحاب ائمة عصرهم ومن
الرواة الثقات.
6-جميل بن درّاج فقيه ومحدث شيعي في القرن
الثاني الهجري ومن أصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الرضاعليهم السلام،
وقد كانت له منزلة عظيمة، وهو من أصحاب الإجماع.
7 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد
بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن أيوب بن نوح قال: قلت للرضا عليه السلام: إنا
لنرجو أن تكون صاحب هذا الامر وأن يرده الله
عز وجل إليك من غير سيف، فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك، فقال: ما منا أحد
اختلفت إليه الكتب، وسئل عن المسائل وأشارت إليه الأصابع، وحملت إليه الأموال إلا اغتيل
أو مات على فراشه حتى يبعث الله عز وجل لهذا الأمر رجلا خفي المولد والمنشأ غير خفي
في نسبه.)) كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ج ١ - الصفحة ١٧١
تابعنا على فيس بوك
https://www.facebook.com/mahdimuntadar/
من طرف الباحث مظفر العميد |  نشر في : مارس 07, 2021
عقيدة المهدي في عهد
الرضا بين الكوفيين وتنامي الكهانة الفارسية
مظفر العميد
يطلعنا المؤرخون على
أن مكانة الكهنوت المنجمين في عهد المأمون العباسي قد عادت لترتقي بشكل كبير في
المراكز المرموقة للحكم لتساهم في صياغة العقيدة وإدارة شؤون الدولة كما ذكرنا وحتى
في رسم التحركات العسكرية وفقا لطوالع النجوم(1), في ذلك الوقت الذي أعلن فيه
المأمون كخليفة للمسلمين تفضيل على بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ على باقي الخلفاء
الراشدين رضي الله عنهم (2) ولا نريد الخوض في نوايا المأمون هل كانت بناءاً على
صحوة عقائدية أم مقتضيات مصلحة سياسية أم غير ذلك المهم, وكما يقال أنه أراد إرضاء
العلويين وكسب تأييدهم وخصوصا أنه في مواجهة مع أخيه الأمين من جهة والثورات العلوية
من جهة أخرى, فتسليم ولاية العهد لعلي بن موسى الرضا ـ عليه السلام ـ من شأنها أن
تسقط شرعية الثورات المليشياوية العلوية (3).
إلى هنا تدخل
السياسية والتنجيم والكهانة خط التشيع بأعلى المراتب القيادية ومنها وزارة الفضل
بن سهل وأخيه الحسن ابن سهل(4)
وعلى هذه وطبقا لثمرة
المرجوة من هذا البحث ينبغي أن نعرف ما هي
عقيدة الشيعة الأصحاب في المهدي في عهد الرضا ـ عليه السلام ـ كي يتسنى لنا مقارنة
هذه العقيدة بين مجتمع ما قبل تغلغل الكهانة والتنجيم الديني السياسي ومجتمع ما
بعدها.
فهذا أيوب بن نوح(5) يسأل الرضا عليه
السلام :إنا
لنرجو أن تكون صاحب هذا الأمر (6)
فنفهم من ذلك أن أبن نوح لم يكن يعتقد أن صاحب الأمر الذي يملأها عدلاً هو الثاني
عشر محمد بن الحسن العسكري فمن هو أيوب ؟ أيّوب بن نوح بن درّاج النخعي أبو الحسين،
كان وكيلاً لابي الحسن وأبي محمد عليهم السلام، عظيم المنزلة عندهما مأموناً، وكان
شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في رواياته، والده نوح
بن دراج النخعي الكوفي، أحد أصحاب الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ ومن الرواة الثقاة،
وكان قاضيا، قيل مرقده بضواحي مدينة كربلاء المقدسة، واشتهر بإمام نوح. وعمه جميل بن
درّاج فقيه ومحدث شيعي ومن أصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الرضا عليهم
السلام، وقد كانت له منزلة عظيمة، وهو من أصحاب الإجماع. (7) فلاحظ هذه المكانة
السامية من الأئمة عليهم السلام فهو راو ابن راو وعمه روا ومن أصحاب الإجماع القات
المأمونين و لم تكن عقيدته بأن محمد بن الحسن العسكري هو الثاني عشر ولم يرد عليه
الرضا ـ عليه السلام ـ بل أن الرضا ـ عليه السلام ـ لم يصحح له عقيدته وإنما يخبره أن المهدي رجل خفي المولد والمنشأ غير خفي النسب
أشارة إلى الاعتقاد الصحيح من الأخبار التي وردت عن رسول الله ـ صلى الله عليه
وآله ـ أن نسب المهدي هو من ذرية فاطمة ـ عليها السلام .
ومن هذه
الرواية ومن مكانة هذا الراوي ومما سنذكره
لاحقا من أمثالها سنتيقن ما هي عقيدة القوم في المهدي في زمن معاصري الأئمة عليهم
السلام فإذا لم يكن أيوب بن نوح الكوفي
يعرف المهدي الثاني عشر فكيف نصدق بروايات المجاهيل. بعد هذا عندها سنفتش عن الدس
والتحريف الذي حصل وسيتضح كيف اخُتلقت فكرة الولادة عام 255 هـ
1- بحار
الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٥ - الصفحة ٣٠١/
فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم - السيد ابن طاووس - الصفحة ١٣٢ / كتاب الخليفة والمنجم
سياسات التنجيم الحكمي في العصر العباسي د. عبير العباسي ص12
2- تاريخ الخلفاء من أحداث سنة أثني عشرة /كتاب
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ج2 ص 249
3- وكي شيعة
5- ونفس المصدر
6- كتاب
الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ج ١ - الصفحة ١٧١
من أخبار المصادر
1- البحار : وممن اشتهر بعلم النجوم من المنسوبين إلى مذهب الإمامية
الفضل بن سهل وزير المأمون فروى محمد بن عبدوس الجمشاري وغيره ما معناه أنه لما وقع
بين الأمين والمأمون ما وقع واضطربت خراسان وطلب جند المأمون أرزاقهم وتوجه علي بن
عيسى ابن ماهان من العراق لحرب المأمون وصعد المأمون إلى منظره للخوف على نفسه من جنده
ومعه الفضل وقد ضاق عليه مجال التدبير وعزم على مفارقة ما هو فيه أخذ الفضل طالعه ورفع
أصطرلابا وقال: ما تنزل من هذه المنزلة إلا خليفة غالبا لأخيك الأمين، فلا تعجل! وما
زال يسكنه ويثبته حتى ورد عليهم في تلك الساعة رأس علي بن عيسى وقد قتله طاهر، وثبت
ملكه، وزال ما كان يخافه، وظفر بالأمان. وروي خبر آخر أيضا مثل ذلك.
السياسة والتنديم : هذا الخبر الذي يحكيه ابن خلدون
في مقدمته يبين كيف أصبح المنجـمون مفردة هامة في قائمة
الهدايا القيـمة المتبادلة بين ملوك ذلك العصر، ويكشف عن
المكانة العالية التي تبوأها منجـمو القصر في فترة حكم المأمون
بخاصة. فحركة الترجمة التي بلغت أوجها في عهده، وما أ
ثرت به علم التنجيم من أسس معرفية عززت من مصداقيته عند الخاصة
والعامة، ومصاهرة الخليفة المأمون لأسرة بني سهل
التي اشتهرت بالتنجيم وتقلـدت العديد من المناصب الوزارية
في عهده، كلها عوامل اجتمعت وتضافرت لتمكـن للتنجيم من
بلوغ ذروة عليائه في عصر الخلافة العباسية
البحار :
الكامل في التاريخ
الفضل أشار إلى المأمون بتولية الرضا عليه السلام
وفيها اسلم الفضل
بن سهل على يد المأمون، وقيل بل أسلم أبوه سهل على يد المهدي، وكان محبوسأن وقيل أسلم
الفضل وأخوه الحسن على يد يحيى بن خالد، فاختاره يحيى لخدمة المأمون، فلهذا كان الفضل
يرعى البرامكة، ويثني عليهم، ولقب بذي الرئاستين لأنه تقلد الوزارة والسيف، وكان يتشيع،
وهوالذي أشار على المامون بالعهد لعلي بن موسى الرضي، عليه السلام.
2- وفي سنة اثنتي عشرة أظهر المأمون القول
بخلق القرآن مضافاً إلى تفضيل علي على أبي بكر وعمر فاشمأزت النفوس منه وكاد البلد
يفتتن ولم يلتئم له من ذلك ما أراد فكف عنه إلى سنة ثمان عشرة.
3- طلب
المأمون العباسي من الإمام الرضا (ع)، أن يكون ولي عهده في الخلافة، فرفض الإمام ذلك،
كما تشير جملة من الأخبار والروايات، غير أنّ المأمون التجأ إلى تهديد الإمام الرضا،
بالتصريح تارة وبالتلويح أخرى، ممّا دفع بالإمام ولحفظ الدماء، لقبول ولاية العهد بشرط
أن لا تكون له أي سلطة تشريعية أو تنفيذية في حكم المأمون من قبيل: التنصيب والعزل،[118]
فقبل المأمون ذلك، لأنّ دوافعه في تولية الإمام ولاية العهد، كانت كالتالي: تهدئة
الأوضاع الداخليّة: بعد تسلّم المأمون الخلافة بسنة واحدة أي سنة 199 هـ، اندلعت ثورات
واسعة قادها العلويّون، حيث خرج أبو السرايا السريّ بن منصور الشيبانيّ بالعراق، ومعه
محمّد بن إبراهيم بن إسماعيل الحسنيّ، فضرب الدارهم بالكوفة بغير سكّة العبّاسيين،
وسيّر جيوشه إلى البصرة، وقد توزّعت الثورة على عدّة جبهات...ولأجل كل هذا كان الهدف
الأوّل من دعوة الإمام الرضا (ع) إلى خراسان تحويل ساحة المواجهة العنيفة والملتهبة
إلى ساحة مواجهة سياسية هادئة.
سلب القداسة والمظلومية عن الثورة: فإنه
لم تكن لثورات الشيعة لتقف عند حدّ، وهذه المواجهات كان لها خاصّيّتان:
المظلوميّة: الّتي كانت تتمثّل بانتزاع
الخلافة والاضطهاد والقتل الّذي تعرّض له أئمّة أهل البيت من عهد الإمام عليّ (ع) إلى
عهد مولانا الرضا وما بعده.
القداسة: فهي التي يمثّلها الإمام المعصوم
من خلال ابتعاده عن أجهزة الحكم، وقيادة الناس وفقاً لمنهج الإسلام الذي يراه أصيلاً،
فالمأمون العباسيّ أراد من خلال ولاية العهد أن يسلب هذه القداسة والمظلوميّة اللّتَيْن
تشكّلان عامل النفوذ الثوريّ في المجتمع الإسلاميّ, لأنّ الإمام عندما يصبح وليّ عهد
سينضمّ، حسب تصوّر المأمون، إلى أجهزة الحكم وينفذ أوامر الملك في التصرّف بالبلاد
إذاً فهو لم يعد لا مظلوماً ولا مقدّساً.
إضفاء المشروعيّة على الخلافة العباسيّة:
فمبايعة الإمام الرضا للمأمون تعني حصول المأمون على اعتراف من العلويّين، على أعلى
مستوى، بشرعيّة الخلافة العباسيّة. وقد صرّح هو بذلك بقوله: فأردنا أن نجعله وليّ عهدنا،
ليكون دعاؤه لنا، وليعترف بالملك والخلافة لنا؛ لأنّ هذه البيعة تعني بالنسبة إلى المأمون:
أنّ الإمام يكون قد أقرّ بأنّ الخلافة ليست له دون غيره، ولا في العلويّين دون غيرهم؛
ولذلك إنّ حصول المأمون على هذا الاعتراف - ومن الإمام خاصّة - يُعتبر أخطر على العلويّين
من الأسلوب الّذي انتهجه أسلافه من الأمويين والعباسيين ضدّهم، من قتلهم وتشريدهم،
وسلب أموالهم.
وقد صرّح الإمام الرضا (ع) في خصوص توليه
لولاية عهد المأمون قائلاً: ما زادني هذا الأمر (ولاية العهد) الذي دخلت فيه في النعمة
عندي شيئا، ولقد كنت بالمدينة وكتابي ينفذ في المشرق والمغرب، ولقد كنت أركب حماري
وأمر في سكك المدينة وما بها أعز منِّي.
4- وممن
اشتهر بعلم النجوم من المنسوبين إلى مذهب الإمامية الفضل بن
سهل وزير المأمون الذي تعصب لمولانا الرضا صلوات الله عليه أبلغ العصبية، وقد ذكره جدي أبو جعفر الطوسي في
كتاب الرجال من أصحاب الرضا عليه السلام وقد ذكرنا فيما تقدم ما يدل على علمه بها
5- قال
النجاشي: أيّوب بن نوح بن درّاج النخعي أبو الحسين، كان وكيلاً لابي الحسن وأبي محمد
عليهم السلام، عظيم المنزلة عندهما مأموناً، وكان شديد الورع، كثير العبادة، ثقة في
رواياته،
وأبوه نوح بن دراج النخعي الكوفي، أحد أصحاب الإمام
الصادق عليه السلام ومن الرواة الثقاة، وكان قاضيا، قيل مرقده بضواحي مدينة كربلاء
المقدسة، واشتهر بإمام نوح. أخوه جميل بن دراج وابنه أيوب من أصحاب ائمة عصرهم ومن
الرواة الثقات.
6-جميل بن درّاج فقيه ومحدث شيعي في القرن
الثاني الهجري ومن أصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظم والإمام الرضاعليهم السلام،
وقد كانت له منزلة عظيمة، وهو من أصحاب الإجماع.
7 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد
بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن أيوب بن نوح قال: قلت للرضا عليه السلام: إنا
لنرجو أن تكون صاحب هذا الامر وأن يرده الله
عز وجل إليك من غير سيف، فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك، فقال: ما منا أحد
اختلفت إليه الكتب، وسئل عن المسائل وأشارت إليه الأصابع، وحملت إليه الأموال إلا اغتيل
أو مات على فراشه حتى يبعث الله عز وجل لهذا الأمر رجلا خفي المولد والمنشأ غير خفي
في نسبه.)) كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ج ١ - الصفحة ١٧١
تابعنا على فيس بوك
https://www.facebook.com/mahdimuntadar/