شيعة السلطة وشيعة المذهب وشيعة مخدوعين أشباه القرامطة.
شيعة السلطة وشيعة المذهب وشيعة مخدوعين أشباه القرامطة.
مظفر العميد
حين تتكرر الوقائع بهذا الشكل وكأننا نرى سيناريو أحداث مسلسل قد جرى قبل قرون طويلة يعاد كتابته من جديد, غير أن شخصياته فقط ارتدت ثوب الألفية الثالثة..فإن المقارنة التاريخية تعطي الباحث تصورا عن الظروف التي كانت سائدة هناك وتأكيدا على طبيعة الوضع القائم آنذاك..فالسلطة كانت بيد أشخاص لا يعتنون بمبادئ الدين الحنيف إطلاقا وليس لقيمها حسابات في تصوراتهم إلا بقدر ما يثبت أركان أنظمتهم, وهم #شيعة_السلطة لا يفرقون عن غيرهم من الحكام الأمويين أو العباسيين, فتصور أن عصر ما يعرف بالغيبة الصغرى هو عصر سيطرة الشيعة على مساحات شاسعة من الدولة الإسلامية من مغرب الادارسة الذي أضحى للفاطميين يسيطرون عليه حتى مصر بتبعية الإخشيد قبل سقوطهم, إلى شرق الجزيرة العربية بقرامطتها وحتى الموصل وحلب وما جاورها بدولتها الحمدانية وانتهاء بالعراق وإيران بسيطرة للبويهيين والزيدية عليه, فأين الإمام المهدي ـ عليه السلام ـ في ذلك الزمن ليبين موقفه من تلك الحركات والدول وهو المكلف بنشر العدل والأمن, هذا مع ضعف الخلافة العباسية المركزية؟!! وكيف يعلن غيبته الكبرى وعلماء ملته في بحبوحة من الأمن ومساحة لا بأس بها من حرية التفكير!!
#فلماذا ترك هذه الملك الشاسع من البلاد الإسلامية تتقاذفه الصراعات على السلطة وبعد ذلك يتململ المجتمع المسلم ثم يكون سقوط المذهب "بحسب التعبير المعاصر" والحكم معاً لماذا لم يجعل نفسه حام للمذهب؟!! هل كان المهدي يخشى الشيعة أنفسهم فلم يتصدى؟ أم أنه غير موجود أصلاً ؟
وأما #شيعة_المذهب فطائفيون يفسرون التاريخ وأحداثه بمنظارهم المذهبي ولا هم لهم غير ترسيخ معتقداتهم في نفوس أهل ملتهم أو استمالة غير أتباعهم إليهم, بل تجد الصراع على أشده في إثبات صحة ما يعتقدون حتى أن المعركة أصبحت في حقيقتها هي إثبات وجود المهدي نفسه ـ عليه السلام ـ بعد عصر الحيرة, فتبلورت عقيدة المهدي بالشكل التقليدي الذي نراه وأضحت من عوالم الأسرار والمغيبات بتمامها مساوقة للصبغة المذهبية في التفكير بعيدة كل البعد عن الأدبيات العملية و هدفها الاسمي في إقامة العدل.
أما #الشيعة_المخدوعين فهم أولئك الذين يلتزمون العقيدة إما كمصداق لقوله تعالى {حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [المائدة : 104] أو لقوة الدليل وروح العاطفة في إتّباع آل البيت ـ صلوات الله عليهم ـ لكن الخديعة تقع عليهم في التطبيق حين يقودهم عملياً شيعة السلطة ويصبحون آلة مسخرة لأغراض الملك بعد طلاء أرباب الحكم والسياسة كل مشاريعهم ومصالحهم الخاصة بالطلاء المذهبي.
إذا ما عرفنا هذا وقرأنا تاريخ الدول التي أدعت التشيع وحجم السيطرة والقوى والمليشيات التي يمتلكونها في زمن ما يعرف بالغيبة الصغرى وقرأنا ما كان يصدر من توقيعات يُدّعى أنها عن المهدي ـ عليه السلام ـ لوجدنا أن مقدار عقلية المهدي لا يتعدى طموح السفير وحجم عقليته وضيق الأفق لديه أمام تلك الأحداث الجسام التي كانت تنقسم بين ثورات كبرى وجريان دماء ودول قائمة من البويهيين والزيدية والحمدانيين والقرامطة والفاطميين وثورة الزنج وكوارثها, وتأثير ذلك على الخلافة العباسية, وكل ما يرد من أخبار عن المهدي أمور لا تغني ولا تسمن.
#فليس غريباً أن يطلب المجتمع المسلم الخلاص من طبقة مدعي التشيع أو شيعة السلطة آنذاك أو حتى الخلافة المركزية الضعيفة الغارقة في ملذاتها التي تنسب عادة إلى السنة, وتتفكك الأمة بصراعاتها شيئاً فشيئاً, وتخور قواها ويبدأ عصر الانحدار والغزو الخارجي وتتوالى عليها قرون التخلف الطويلة.
#ومن هنا فأن السقوط الحتمي كسنّة تاريخية أو منطقياً هو مصير الدول والجماعات والفرق والكتل التي تنتهج الإسلام السياسي المتشدد شيعياً كان أو سنياً ولا يمكن بحال تجنب هذا المصير المحتوم للذين ملئوا الدنيا اليوم ظلماً وجوراً وفساداً’ ذلك لأن نظام الحكم إنما يعتمد على متانة القاعدة الشعبية فإذا ما تهرأت نتيجة الحروب والبطالة والجوع والمعاناة, انقطعت الصلة بينها وبين النظام وفقد ركيزته وأنهار بزلازل تدخل أو حروب داخلية أو خارجية وهو ما حدث لتك الدول والإمارات والممالك وهو ما اتضحت ملامحه لقرامطة العصر وولاياتهم.
والحقيقة إن فكرة الغيبة بشكلها التقليدي لها مدخلية كبيرة في إنتاج فكرة ولاية الفقيه وبسط اليد القائمة على مدّعى إقامة الأحكام المعطلة وإقامة دولة أشباه القرامطة بمليشياتها, وقضية السفراء وأطروحات الغيبة أنتجت مليشيات تدعي التمهيد وتمارس القتل والإفساد, وإن هذا النمط من التفكير المذهبي والأطروحات الساذجة الغير قائمة على رؤية تاريخية موضوعية إنما سيقود إلى نفس المصير الذي أعقب سقوط تلك الدول, ذلك لأن تلك الصراعات لم تجد من علماء الأمة الإسلامية وبمختلف مدارسها من يستقطب الأمة ويستخلصها من قيادات التطرف ثم إعادة لحمتها, وبالتالي إعادة بناء المجتمع المسلم على أساس الاعتدال والوسطية, فبعد أن قسمت الصراعات وحروب الموت والدمار المجتمع المسلم, فإن روح الفكر المشحون بالعقلية المذهبية وسذاجة الرؤية العقدية وأطروحاتها أعطى هو الآخر حالة من الجمود للأمة, وحقن المجتمع بالصبغات الطائفية فأضحى المسلمون نتيجة لذلك أمة مقسمّة منهكة وخاملة في نفس الوقت, عند ذلك أصبحت البلاد الإسلامية وبسعة مساحتها كقطائع الأغنام تغزوها الذئاب. وكوارث القرون التي جرت بعد ذلك إلى عصور التخلف الاستعمار والضياع.
ومثل مؤلفات #عصر_الظهور و #موسوعة_الإمام_المهدي القائمين على ذلك الفكر التقليدي في كيفية أطروحات الغيبة والتقية والخلافة العباسية والظهور لتعيدنا إلى نفس النتائج التي رافقت نشأة القوى والممالك المتصارعة الماضية, ذلك لأن الفرد المسلم يتعلق نظره مع هذه المؤلفات بالعقيدة ومغيباتها في الوقت الذي يكاد يفقد تماما كل منهجية أخلاقية عملية تؤدي إلى بناء مجتمع متكامل, فتراه من الناحية العقائدية يحمل كل الشعارات المذهبية والتمهيد فيما تجده من الناحية العملية قرمطياً قد ملأ الأرض فساداً وجوراً وظلماً, ومن هذه المؤلفات وأشباهها والتي بنيت على الفكر التقليدي يصبح المجتمع المسلم مخدوعاً أسير شيعة أو سنة السلطة لأنها "أي تلك المؤلفات " بنيت على نمط الماضين من العقلية التي لم تنتفع بها الأمة آنذاك..ولهذا فالخطأ التاريخي لعلماء المسلمين المعتدلين حين انكفؤا وتقوقعوا بعيداً عن شؤون الأمة في تصحيح المسار العملي الأخلاقي في ذلك الزمن, ينبغي أن لا نقع فيه ثانية بعد هذه الصراعات مادام في الأمة من يحمل الوسطية والتجديد فكرياً وعملياً فلا نسمح لفكر تقليدي لم ينفع معاصرية في الغيبة والظهور أن يأتينا بنفس الصورة والنمط كأطروحات محتملة بعنوان كتاب موسوعة الإمام المهدي أو كتاب عصر الظهور أو حتى كتب نظرية بسط اليد لولاية القرامطة الجدد..هذا الأمر الذي قاد إلى أن تصبح صورة الإسلام بشعة ببشاعة قيادات السوء ليحل التململ ثم التقسيم والخمول بالمجتمع المسلم فيتحول من جديد إلى قطائع متصارعة تنهشا كل الذئاب وهو ما بتنا نشهده واقعاً الآن فلنقدرالخطر . ولهذا يجب أعادة قراءة التاريخ والوقائع بصورة صحيحة وبناء قيم مجتمعية رصينة وهي مسألة اقل ما يقال فيها أن يتقبل الإنسان الدليل والواقع المخالف لرواسب عقيدته.
اكتب وصف المشرف هنا ..
اشتراك
الحصول على كل المشاركات لدينا مباشرة في صندوق البريد الإلكتروني
شارك الموضوع
مواضيع ذات صلة