إن الاخبار الواردة والتي تشير إلى أن موسى بن جعفر ـ عليه السلام ـ هو المهدي تجعل الباحث بين أمرين فإما أن يسلم بها على نحو القاعدة القائلة أن الضعيف يشد بعضه بعضاً ولا يبقى مجال إلا أن يؤولها إلى معنى آخر كما فهل الشيخ الطوسي كما سنلاحض ليقينه بوفاة الامام موسى بن جعفر وإذا جاز لنا أن نؤول تلك الاخبار التي تصرح بأن موسى بن جعفر هو المهدي جاز لنا نؤول فكرة المهدي المولود سنة 255 هـ ونحملها عنى المعنى الرمزي أو أن نرفض تلك الروايات ولنا مع هذا أن نتخيل حجم الدس والتحريف في التراث الإمامي هذا وعلى اية حال فهذه الرويات لو جاءت على معنى التأويل فهي كاشفة عن عدم وجود عنوان لمحمد بن الحسن أو أن المهدي هو التاسع من الأئمة من ولد الحسين إلى زمن الأمام الصادق ـ عليه السلام ـ وإلا كيف يصرح الامام جعفر الصادق أنه ابنه السابع من الأئمة هو المهدي.
ومن هنا بذكر ما ذكره الشيخ الطوسي
(((. و الاخبار في هذا المعنى أكثر من أن تحصى و هي موجودة في كتب
الامامية معروفة و مشهورة من أرادها وقف عليها من هناك و في هذا القدر هاهنا كفاية
إن شاء الله تعالى. الغيبة للطوسي ص : 43فإن قيل كيف تعولون على هذه الاخبار و
تدعون العلم بموته و الواقفة تروي أخبارا كثيرة تتضمن أنه لم يمت و أنه القائم المشار
إليه موجودة في كتبهم و كتب أصحابكم فكيف تجمعون بينها و كيف تدعون العلم بموته مع
ذلك. قلنا لم نذكر هذه الاخبار إلا على جهة الاستظهار و التبرع لا لانا احتجنا
إليها في العلم بموته لان العلم بموته حاصل لا يشك فيه كالعلم بموت آبائه ع و
المشكك في موته كالمشكك في موتهم و موت كل من علمنا بموته. و إنما استظهرنا بإيراد
هذه الاخبار تأكيدا لهذا العلم كما نروي أخبارا كثيرة فيما نعلم بالعقل و الشرع و
ظاهر القرآن و الاجماع و غير ذلك فنذكر في ذلك أخبارا على وجه التأكيد. فأما ما
ترويه الواقفة فكلها أخبار آحاد لا يعضدها حجة و لا يمكن ادعاء العلم بصحتها و مع
هذا فالرواة لها مطعون عليهم لا يوثق بقولهم و رواياتهم و بعد هذا كله فهي متأولة.
و نحن نذكر جملا مما رووه و نبين القول فيها فمن ذلك أخبار ذكرها أبو محمد علي بن
أحمد العلوي الموسوي في كتابه في نصرة الواقفة.
قال حدثني محمد بن بشر قال
حدثني الحسن بن سماعة عن أبان بن عثمان عن الفضيل بن يسار قال سمعت أبا عبد الله ع
يقول لا ينسجني و القائم أب
الغيبةللطوسي ص : 44فهذا
أولا خبر واحد لا يدفع المعلوم لاجله و لا يرجع إلى مثله و ليس يخلو أن يكون
المراد به أنه ليس بيني و بين القائم أب أو أراد لا يلدني و إياه أب فإن أراد
الاول فليس فيه تصريح بأن موسى هو القائم و لم لا يجوز أن يكون المراد غيره كما
قالت الفطحية. إن الامام بعد أبي عبد الله ع عبد الله الافطح ابنه و إذا احتمل ذلك
سقط الاحتجاج به على أنا قد بينا أن كل إمام يقوم بعد الاول يسمى قائما فعلى هذا
يسمى موسى قائما و لا يجيء منه ما قالوه على أنه لا يمتنع أن يكون أراد ردا على
الاسماعيلية الذين ذهبوا إلى إمامة محمد بن إسماعيل بعد أبي عبد الله ع فإن
إسماعيل مات في حياته فأراد الذي يقوم مقامي ليس بيني و بينه أب بخلاف ما قالوه و
إن أراد أنه لم يلده و إياه أب نفيا للامامة عن إخوته فإنا نقول بذلك مع أنه ليس
ذلك قولا لاحد.
قال الموسوي و أخبرني علي
بن خلف الانماطي قال حدثنا عبد الله بن وضاح عن يزيد الصائغ قال لما ولد لابي عبد
الله ع أبو الحسن ع عملت له أوضاحا و أهديتها إليه فلما أتيت أبا عبد الله ع بها
قال لي يا يزيد أهديتها و الله لقائم آل محمد ص
فهو مع كونه خبرا واحدا رجاله غير
معروفين و لو سلم لكان الوجه فيه ما قلناه من أنه القائم من بعده بلا فصل على ما
مضى القول فيه.
قال الموسوي و حدثني أحمد
بن الحسن الميثمي عن أبيه عن الغيبةللطوسي ص : 45أبي سعيد المدائني قال سمعت أبا
جعفر ع يقول إن الله استنقذ بني إسرائيل من فرعونها بموسى بن عمران و إن الله
مستنقذ هذه الامة من فرعونها بسميه
فالوجه فيه أيضا مع أنه خبر واحد
أن الله استنقذهم بأن دلهم على إمامته و الابانة عن حقه بخلاف ما ذهبت إليه الواقفة.
قال و حدثني حنان بن سدير قال كان أبي جالسا و عنده عبد الله بن سليمان الصيرفي و
أبو المراهف و سالم الاشل فقال عبد الله بن سليمان لابي يا أبا الفضل أ علمت أنه
ولد لابي عبد الله ع غلام فسماه فلانا يسميه باسمه. فقال سالم إن هذا لحق فقال عبد
الله نعم فقال سالم و الله لان يكون حقا أحب إلي من أن انقلب إلى أهلي بخمس مائة
دينار و إني محتاج إلى خمسة دراهم أعود بها على نفسي و عيالي. فقال له عبد الله بن
سليمان و لم ذاك قال بلغني في الحديث أن الله عرض سيرة قائم آل محمد على موسى بن
عمران فقال اللهم اجعله من بني إسرائيل فقال له ليس إلى ذلك سبيل فقال اللهم
اجعلني من أنصاره فقيل له ليس إلى ذلك سبيل فقال اللهم اجعله سميي فقيل له أعطيت
ذلك. الغيبةللطوسي ص : 46فلا أدري ما الشبهة في هذا الخبر لانه لم يسنده إلى إمام
و قال بلغني في الحديث كذا و ليس كلما يبلغه يكون صحيحا و قد قلنا إن من يقوم بعد
الامام الاول يسمى قائما أو يلزمه من السيرة مثل سيرة الاول سواء فسقط القول به.
قال و روى زيد الشحام و
غيره قال سمعت سالما يقول سمعت أبا جعفر ع يقول إن الله تعالى عرض سيرة قائم آل
محمد على موسى بن عمران
و ذكر الحديث و قد تكلمنا عليه مع
تسليمه.
قال و حدثني بحر بن زياد
الطحان عن محمد بن مروان عن أبي جعفر ع قال قال رجل جعلت فداك إنهم يروون أن أمير
المؤمنين ع قال بالكوفة على المنبر لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك
اليوم حتى يبعث الله رجلا مني يملاها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا فقال أبو
جعفر ع نعم قال فأنت هو فقال لا ذاك سمي فالق البحر
فالوجه فيه بعد كونه خبرا واحدا أن
لسمي فالق البحر أن يقوم بالامر و يملاها قسطا و عدلا إن مكن من ذلك و إنما نفاه
عن نفسه تقية من سلطان الوقت لا نفي استحقاقه للامامة.
قال و حدثني أبو محمد الصيرفي
عن الحسين بن سليمان الغيبةللطوسي ص : 47عن ضريس الكناسي عن أبي خالد الكابلي قال
سمعت علي بن الحسين ع و هو يقول إن قارون كان يلبس الثياب الحمر و إن فرعون كان
يلبس السود و يرخي الشعور فبعث الله عليهم موسى ع و إن بني فلان لبسوا السواد و
أرخوا الشعور و إن الله تعالى مهلكهم بسميه
قال و بهذا الاسناد قال
تذاكرنا عنده القائم فقال اسمه اسم لحديدة الحلاق
فالوجه فيه بعد كونه خبرا واحدا ما
قدمناه من أن موسى هو المستحق للقيام للامر بعد أبيه و يحتمل أيضا أن يريد أن الذي
يفعل ما تضمنه الخبر و الذي له العدل و القيام بالامر يتمكن منه من ولد موسى ردا
على الذين قالوا ذلك في ولد إسماعيل و غيره فأضافه إلى موسى ع لما كان ذلك في ولده
كما يقال الامامة في قريش و يراد بذلك في أولاد قريش و أولاد أولاد من ينسب إليه.
قال و روى جعفر بن سماعة
عن محمد بن الحسن عن أبيه الغيبةللطوسي ص : 48الحسن بن هارون قال قال أبو عبد الله
ع ابني هذا يعني أبا الحسن ع هو القائم و هو من المحتوم و هو الذي يملاها قسطا و
عدلا كما ملئت ظلما و جورا
فالوجه فيه أيضا ما قدمناه في
غيره.
قال و حدثني عبد الله بن
سلام عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من المحتوم أن ابني هذا
قائم هذه الامة و صاحب السيف و أشار بيده إلى أبي الحسن ع
فالوجه فيه أيضا ما قدمناه في غيره
سواء من أن له ذلك استحقاقا أو يكون من ولده من يقوم بذلك فعلا.
قال و أخبرني علي بن رزق
الله عن أبي الوليد الطرائفي قال كنت ليلة عند أبي عبد الله ع إذ نادى غلامه فقال
انطلق فادع لي سيد ولدي فقال له الغلام من هو فقال فلان يعني أبا الحسن ع قال فلم
ألبث حتى جاء بقميص بغير رداء إلى أن قال ثم ضرب بيده على عضدي و قال يا أبا
الوليد كأني بالراية السوداء صاحبه الرقعة الخضراء تخفق فوق رأس هذا الجالس و معه
أصحابه يهدون جبال الحديد هدا لا يأتون على شيء إلا هدوه قلت جعلت فداك هذا قال
نعم هذا يا أبا الوليد يملاها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و عدوانا يسير في أهل
القبلة بسيرة علي بن أبي طالب ع يقتل أعداء الله حتى يرضي الله قلت جعلت فداك هذا
قال هذا ثم قال فاتبعه و أطعه و صدقه و أعطه الرضا من نفسك فإنك ستدركه إن شاء
الله
الغيبةللطوسي ص : 49فالوجه
فيه أيضا أن يكون قوله كأني بالراية على رأس هذا أي على رأس من يكون من ولد هذا
بخلاف ما يقول الاسماعيلية و غيرهم من أصناف الملل الذين يزعمون أن المهدي منهم
فأضافه إليه مجازا على ما مضى ذكر نظائره و يكون أمره بطاعته و تصديقه و أنه يدرك
حال إمامته.
قال و حدثني عبد الله بن
جميل عن صالح بن أبي سعيد القماط قال حدثني عبد الله بن غالب قال أنشدت أبا عبد
الله ع هذه القصيدة
فإن تك أنت المرتجى للذي نرى فتلك
التي من ذي العلى فيك نطلب
فقال ليس أنا صاحب هذه الصفة و لكن
هذا صاحبها و أشار بيده إلى أبي الحسن ع
فالوجه فيه أيضا ما قلناه في الخبر
الاول من أن صاحب هذا من ولده دون غيره ممن يدعى له ذلك.
قال و حدثني أبو عبد الله
لذاذ عن صارم بن علوان الجوخي قال دخلت أنا و المفضل و يونس بن ظبيان و الفيض بن
المختار و القاسم الغيبةللطوسي ص : 50شريك المفضل على أبي عبد الله ع و عنده
إسماعيل ابنه فقال الفيض جعلت فداك نتقبل من هؤلاء الضياع فنقبلها بأكثر مما نتقبلها
فقال لا بأس به فقال له إسماعيل ابنه لم تفهم يا أبة فقال أبو عبد الله ع أنا لم
أفهم أقول لك الزمني فلا تفعل فقام إسماعيل مغضبا فقال الفيض إنا نرى أنه صاحب هذا
الامر من بعدك فقال أبو عبد الله ع لا و الله ما هو كذلك ثم قال هذا ألزم لي من
ذلك و أشار إلى أبي الحسن ع و هو نائم فضمه إليه فنام على صدره فلما انتبه أخذ أبو
عبد الله ع بساعده ثم قال هذا و الله ابني حقا هو و الله يملاها قسطا و عدلا كما
ملئت ظلما و جورا فقال له قاسم الثانية هذا جعلت فداك قال إي و الله ابني هذا لا
يخرج من الدنيا حتى يملا الله الارض به قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا ثلاث
أيمان يحلف بها
فالوجه فيه أيضا ما قلناه من أن
الذي يملا الارض قسطا و عدلا يكون من ولده دون ولد إسماعيل على ما ذهب إليه قوم
فلذلك قرنه بالايمان علما منه بأن قوما يعتقدون في ولد إسماعيل هذا فنفاه و قرنه
بالايمان لتزول الشبهة و الشك و الريبة
قال و حدثني حنان بن سدير
عن إسماعيل البزاز قال قال أبو عبد الله ع إن صاحب هذا الامر يلي الوصية و هو ابن
عشرين سنة فقال إسماعيل فو الله ما وليها أحد قط كان أحدث منه و إنه لفي السن الذي
قال أبو عبد الله ع
الغيبةللطوسي ص : 51فليس
في هذا الخبر تصريح من الذي يقوم بهذا الامر و إنما قال يكون ابن عشرين سنة و حمله
الراوي على ما أراد و قول الراوي ليس بحجة و لو حمل غيره على غيره لكان قد ساواه
في التأويل فبطل التعلق به.
قال و حدثني إبراهيم بن
محمد بن حمران عن يحيى بن القاسم الحذاء و غيره عن جميل بن صالح عن داود بن زربي
قال بعث إلي العبد الصالح ع و هو في الحبس فقال ائت هذا الرجل يعني يحيى بن خالد
فقل له يقول لك أبو فلان ما حملك على ما صنعت أخرجتني من بلادي و فرقت بيني و بين
عيالي فأتيته و أخبرته فقال زبيدة طالق و عليه أغلظ الايمان لوددت أنه غرم الساعة
ألفي ألف و أنت خرجت فرجعت إليه فأبلغته فقال ارجع إليه فقل له يقول لك و الله
لتخرجني أو لاخرجن
فلا أدري أي تعلق في هذا الخبر و
دلالة على أنه القائم بالامر و إنما فيه إخبار بأنه إن لم يخرجه ليخرجن يعني من
الحبس و مع ذلك فقد قرنه باليمين أنه إن لم يفعل به ليفعلن و كلاهما لم يوجد فإذا
لم يخرجه يحيى كان ينبغي أن يخرج و إلا حنث في يمينه و ذلك لا يجوز عليه.
قال و حدثني إبراهيم بن
محمد بن حمران عن إسماعيل بن منصور الزبالي قال سمعت شيخا بأذرعات قد أتت عليه
عشرون و مائة سنة قال سمعت عليا ع يقول على منبر الكوفة كأني بابن حميدة قد ملاها
عدلا و قسطا كما ملئت ظلما و جورا فقام إليه رجل فقال أ هو منك أو من غيرك فقال لا
بل هو رجل مني
الغيبةللطوسي ص : 52فالوجه
فيه أن صاحب هذا الامر يكون من ولد حميدة و هي أم موسى بن جعفر ع كما يقال يكون من
ولد فاطمة ع و ليس فيه أنه يكون منها لصلبها دون نسلها كما لا يكون كذلك إذا نسب
إلى فاطمة ع و كما لا يلزم أن يكون ولده لصلبه و إن قال إنه يكون مني بل يكفي أن
يكون من نسله.
قال و حدثني أحمد بن الحسن
قال حدثني يحيى بن إسحاق العلوي عن أبيه قال دخلت على أبي عبد الله ع فسألته عن
صاحب هذا الامر من بعده قال صاحب البهمة و أبو الحسن في ناحية الدار و معه عناق
مكية و يقول لها اسجدي لله الذي خلقك ثم قال أما إنه الذي يملاها قسطا و عدلا كما
ملئت ظلما و جورا
فأول ما فيه أنه سأله عن مستحق هذا
الامر بعده فقال صاحب البهمة و هذا نص عليه بالامامة. و قوله أما إنه يملاها قسطا
و عدلا كما ملئت ظلما و جورا لا يمتنع أن يكون المراد أن من ولده من يملاها قسطا و
عدلا و إذا احتمل ذلك سقطت المعارضة.
قال و حدثني الحسين بن علي
بن معمر عن أبيه عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله ع و ذكر البداء لله
فقال فما أخرج الله إلى الملائكة و أخرجه الملائكة إلى الرسل فأخرجه الرسل إلى
الادميين فليس فيه بداء الغيبةللطوسي ص : 53و إن من المحتوم أن ابني هذا هو القائم
فما يتضمن هذا الخبر من ذكر البداء
معناه الظهور على ما بيناه في غير موضع و قوله أن المحتوم أن ابنه هو القائم معناه
القائم بعده في موضع الامامة و الاستحقاق لها دون القيام بالسيف على ما مضى القول
فيه.
قال و روى بقباقة أخو بنين
الصيرفي قال حدثني الاصطخري أنه سمع أبا عبد الله ع يقول كأني بابن حميدة على
أعوادها قد دانت له شرق الارض و غربها
فالوجه فيه أيضا أنه يكون من نسلها
على ما مضى القول فيه.
قال و حدثني محمد بن عطاء
ضرغامة عن خلاد اللؤلؤي قال حدثني سعيد المكي عن أبي عبد الله ع و كانت له منزلة
منه قال قال أبو عبد الله ع يا سعيد الائمة اثنا عشر إذا مضى ستة فتح الله على
السابع و يملك منا أهل البيت خمسة و تطلع الشمس من مغربها على يد السادس
فهذا الخبر فيه تصريح بأن الائمة
اثنا عشر و ما قال بعد ذلك من التفصيل يكون قول الراوي على ما يذهب إليه
الاسماعيلية.
قال و حدثني حنان بن سدير
عن أبي إسماعيل الابرص عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع على رأس السابع منا
الفرج
الغيبةللطوسي ص : 54يحتمل
أن يكون السابع منه لانه الظاهر من قوله منا إشارة إلى نفسه و كذلك نقول السابع
منه هو القائم بالامر. و ليس في الخبر السابع من أولنا و إذا احتمل ما قلناه سقطت
المعارضة به.
قال و حدثني عبد الله بن
جبلة عن سلمة بن جناح عن حازم بن حبيب قال قلت لابي عبد الله ع إن أبوي هلكا و قد
أنعم الله علي و رزق أ فأتصدق عنهما و أحج فقال نعم ثم قال بيمينه يا أبا حازم من
جاءك يخبرك عن صاحب هذا الامر أنه غسله و كفنه و نفض التراب من قبره فلا تصدقه
فإنما فيه أن صاحب هذا الامر لا يموت
حتى يقوم بالامر و لم يذكر من هو و الفائدة فيه أن في الناس من اعتقد أنه يموت و
يبعثه الله و يحييه على ما سنبينه فكان هذا ردا عليه و لا شبهة فيه.
قال و حدثني أبو محمد
الصيرفي عن عبد الكريم بن عمرو عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول كأني
بابني هذا يعني أبا الحسن ع قد أخذه بنو فلان فمكث في أيديهم حينا و دهرا ثم خرج
من أيديهم فيأخذ بيد رجل من ولده حتى ينتهي به إلى جبل رضوى
الغيبةللطوسي ص : 55فهذا
الخبر لو حمل على ظاهره لكان كذبا لانه حبس في الاولة و خرج و لم يفعل ما تضمنه و
في الثانية لم يخرج. ثم ليس فيه أن من يأخذ بيد رجل من ولده حتى ينتهي إلى جبل
رضوى أنه يكون القائم و صاحب السيف الذي يظهر على الارض فلا تعلق بمثل ذلك.
قال و حدثني جعفر بن
سليمان عن داود الصرمي عن علي بن أبي حمزة قال قال لي أبو عبد الله ع من جاءك فقال
لك إنه مرض ابني هذا و أغمضه و غسله و وضعه في لحده و نفض يده من تراب قبره فلا
تصدقه
فهذا الخبر رواه ابن أبي حمزة و هو
مطعون عليه و هو واقفي و سنذكر ما دعاه إلى القول بالوقف. على أنه لا يمتنع أن
يكون المراد به الرد على من ربما يدعي أنه تولى تمريضه و غسله و يكون في ذلك كاذبا
لانه مرض في الحبس و لم يصل إليه من يفعل ذلك و تولى بعض مواليه على ما قدمناه
غسله و عند قوم من أصحابنا تولاه ابنه. فيكون قصد البيان عن بطلان قول من يدعي
ذلك. الغيبةللطوسي ص : 56
قال و روي عن سليمان بن
داود عن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن ع قال قال لي يا علي من أخبرك أنه مرضني و
غمضني و غسلني و وضعني في لحدي و نفض يده من تراب قبري فلا تصدقه
فالوجه فيه أيضا ما قلناه في الخبر
الاول سواء.
قال و أخبرني أعين بن عبد
الرحمن بن أعين قال بعثني عبد الله بن بكير إلى عبد الله الكاهلي سنة أخذ العبد
الصالح ع زمن المهدي فقال أقرئه السلام و سله أتاه خبر إلى أن قال أقرئه السلام و
قل له حدثني أبو العيزار في مسجدكم منذ ثلاثين سنة و هو يقول قال أبو عبد الله ع
يقدم لصاحب هذا الامر العراق مرتين فأما الاولى فيعجل سراحه و يحسن جائزته و أما
الثانية فيحبس فيطول حبسه ثم يخرج من أيديهم عنوة
فهذا الخبر مع أنه خبر واحد يحتمل
أن يكون الوجه فيه أنه يخرج من أيديهم عنوة بأن ينقله الله إلى دار كرامته و لا
يبقى في أيديهم يعذبونه و يؤذونه على أنه ليس فيه من هو ذلك الشخص و صاحب الامر
مشترك بينه و بين غيره فلم حمل عليه دون غيره. الغيبةللطوسي ص : 57
قال و أخبرني إبراهيم بن محمد
بن حمران و حمران و الهيثم بن واقد الجزري عن عبد الله الارجاني قال كنت عند أبي
عبد الله ع إذ دخل عليه العبد الصالح ع فقال يا أحمد افعل كذا فقلت جعلت فداك اسمه
فلان فقال بل اسمه أحمد و محمد ثم قال لي يا عبد الله إن صاحب هذا الامر يؤخذ
فيحبس فيطول حبسه فإذا هموا به دعا باسم الله الاعظم فأفلته من أيديهم
فهذا أيضا من جنس الاول يحتمل أن
يكون أراد بفلته الموت دون الحياة.
قال و روى بعض أصحابنا عن
أبي محمد البزاز قال حدثنا عمرو بن منهال القماط عن حديد الساباطي عن أبي عبد الله
ع قال إن لابي الحسن ع غيبتين إحداهما تقل و الاخرى تطول حتى يجيئكم من يزعم أنه
مات و صلى عليه و دفنه و نفض تراب القبر من يده فهو في ذلك كاذب ليس يموت وصي حتى
يقيم وصيا و لا يلي الوصي إلا الوصي فإن وليه غير وصي عمي
و إنما فيه تكذيب من يدعي موته قبل
أن يقيم وصيا و هذا لعمري باطل فأما إذا أوصى و أقام غيره مقامه فإنه ليس فيه
ذكره.
قال و حدثنا عبد الله بن
سلام أبو هريرة عن زرعة عن الغيبةللطوسي ص : 58مفضل قال كنت جالسا عند أبي عبد
الله ع إذ جاءه أبو الحسن و محمد و معهما عناق يتجاذبانها فغلبه محمد عليها
فاستحيا أبو الحسن فجاء فجلس إلى جانبي فضممته إلي و قبلته فقال أبو عبد الله ع
أما إنه صاحبكم مع أن بني العباس يأخذونه فيلقى منهم عنتا ثم يفلته الله من أيديهم
بضرب من الضروب ثم يعمى على الناس أمره حتى تفيض عليه العيون و تضطرب فيه القلوب
كما تضطرب السفينة في لجة البحر و عواصف الريح ثم يأتي الله على يديه بفرج لهذه
الامة للدين و الدنيا
فما تضمن هذا الخبر من أن بني
العباس يأخذونه صحيح جرى الامر فيه على ذلك و أفلته الله منهم بالموت. و قوله يعمى
على الناس أمره كذلك هو لانه اختلف فيه هذا الاختلاف و فاضت عليه عيون عند موته. و
قوله ثم يأتي الله على يديه يعني على يدي من يكون من ولده بفرج لهذه الامة و هو
الحجة ع و قد بينا ذلك في نظائره.
قال و حدثني حنان عن أبي
عبد الرحمن المسعودي قال حدثنا المنهال بن عمرو عن أبي عبد الله النعمان عن أبي
جعفر ع قال صاحب الامر يسجن حينا و يموت حينا و يهرب حينا
الغيبةللطوسي ص : 59فأول
ما فيه أنه قال يموت حينا و ذلك خلاف مذهب الواقفة فأما الهرب فإنما صح ذلك فيمن
ندعيه نحن دون من يذهبون إليه لان أبا الحسن موسى ع ما علمنا أنه هرب و إنما هو
شيء يدعونه لا يوافقهم عليه أحد و نحن يمكننا أن نتأول قوله يموت حينا بأن نقول
يموت ذكره
قال و روى بحر بن زياد عن
عبد الله الكاهلي أنه سمع أبا عبد الله ع يقول إن جاءكم من يخبركم بأنه مرض ابني
هذا و هو شهده و هو أغمضه و غسله و أدرجه في أكفانه و صلى عليه و وضعه في قبره و
هو حثا عليه التراب فلا تصدقوه و لا بد من أن يكون ذا فقال له محمد بن زياد تميمي
و كان حاضر الكلام بمكة يا أبا يحيى هذه و الله فتنة عظيمة فقال له الكاهلي فسهم
الله فيه أعظم يغيب عنهم شيخ و يأتيهم شاب فيه سنة من يونس
فليس فيه أكثر من تكذيب من يدعي
أنه فعل ذلك و تولاه لعلمه بأنه ربما ادعى ذلك من هو كاذب لانه لم يتول أمره إلا
ابنه عند قوم أو مولاه على المشهور فأما غير ذلك فمن ادعاه كان كاذبا. و أما ظهور
صاحب هذا الامر فلعمري يكون في صورة شاب و يظن قوم أنه شاخ لانه في سن شيخ قد هرم.
قال و روى أحمد بن الحارث
رفعه إلى أبي عبد الله ع أنه قال لو قد يقوم القائم لقال الناس أنى يكون هذا و
بليت عظامه
الغيبةللطوسي ص : 60فإنما
فيه أن قوما يقولون إنه بليت عظامه لانهم ينكرون أن يبقى هذه المدة الطويلة. و قد
ادعى قوم أن صاحب الزمان مات و غيبه الله فهذا رد عليهم.
قال و روى سليمان بن داود
عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر ع يقول في صاحب هذا الامر أربع
سنن من أربعة أنبياء سنة من موسى و سنة من عيسى و سنة من يوسف و سنة من محمد ص أما
من موسى فخائف يترقب و أما من يوسف فالسجن و أما من عيسى فيقال مات و لم يمت و أما
من محمد ص فالسيف
فما تضمن هذا الخبر من الخصال كلها
حاصلة في صاحبنا فإن قيل صاحبكم لم يسجن في الحبس. قلنا لم يسجن في الحبس و هو في
معنى المسجون لانه بحيث لا يوصل إليه و لا يعرف شخصه على التعيين فكأنه مسجون.
قال و روى علي بن عبد الله
عن زرعة بن محمد عن مفضل قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن بني العباس سيعبثون
بابني هذا و لن يصلوا إليه ثم قال و ما صائحة تصيح و ما ساقة تسق و ما ميراث يقسم
و ما أمة تباع
قال و روى أحمد بن علي عن
محمد بن الحسين بن الغيبةللطوسي ص : 61إسماعيل عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سمعت
أبا إبراهيم ع يقول إن بني فلان يأخذونني و يحبسونني و قال و ذاك و إن طال فإلى
سلامة
فالوجه في الخبر الاول أنهم ما
يصلون إلى دينه و فساد أمره دون أن لا يصلوا إلى جسمه بالحبس لان الامر جرى على
خلافه. و
أمره ))) انتهى كلام الشيخ الطوسي
هنا نلاحظ أن الشيخ لم ينكر تلك الاخبار وإنما أولها على نحو الرمز ..إذن الإمام موسى بن جعفر هل كان مشروعا مهدوياً حقيقياً أم تعبيراً رمزياً أستغلته الواقفية