من كتاب شجرة طوبى للشيخ مهدي الحائري: ج 1 بعد ذكره وقعة الحرة
واحراق الكعبة من قبل جيش يزيد لعنه الله وفيه ذكر ان اول ادعياء المهدوية ونسبتها الى
محمد بن الحنفية هو المختار بن عبيد فقال
* قد اخرق المقام والمصلى ووقعت صاعقة من
السماء فاحرق من اصحاب المجانيق احد عشر رجلا، وقيل: اكثر من ذلك وهو يوم السبت لثلاث
خلون من شهر ربيع الاول قبل وفاة يزيد بأحد عشر يوما فيا لله من طغات بني امية، ومن
شقاوتهم واجترائهم على الله حيث ما اكتفوا برمي الاحجار، والنبال الى بيت الله الحرام
حتى اضرموا فيه النار واحرقوه وليس هذا ببعيد من قوم احرقوا خيم ابن رسول الله، وسلبوا
عياله ففي اليوم الرابع عشر من شهر ربيع الاول من سنة اربع وستين من الهجرة، هلك يزيد
بن معاوية فعند ذلك اشتد امر ابن الزبير بمكة، وكثر جمعه ونفذت كلمته، وبايعه جم غفير
وممن بايعه المختار وكان يومئذ بمكة وداخلا في احفاد عبد الله بن الزبير فقال المختار
يوما لابن الزبير: اني لاعرف قوما لو أتاهم رجل له رفق وعلم بما يأتي لاستخرج لك منهم
جندا تغلب انت بهم بني امية قال: من هم ؟ قال: شيعة علي (ع) بالكوفة قال: كن انت ذلك
الرجل فبعثه الى الكوفة فنزل المختار ناحية من الكوفة، وجعل يظهر البكاء على الحسين
وشيعته ويظهر الحنين والجزع لهم، ويحث على اخذ الثار لهم والمطالبة بدمائهم، فمالت
الشيعة إليه وانضافوا الى جملته وسار المختار الى قصر الامارة، فاخرج عبد الله بن مطيع
الذي نصبه ابن الزبير واليا على الكوفة وابتنى لنفسه دارا واخذ نستانا انفق عليه اموالا
عظيمة اخرجها من بيت المال، وفرق الاموال على الناس تفرقة واسعة وكتب الى ابن الزبير
يعمله انه إنما خرج ابن مطيع لعجزه عن القيام بها فكتب إليه ان يحتسب به بما انفق من
بيت المال، فأبى ابن الزبير ذلك عليه فخلع المختار طاعته وجحد بيعته، وكتب المختار
كتابا الى علي بن الحسين (ع) يريد ان يبايع ويقول بامامته ويظهر دعوته وانفذ إليه مالا
كثيرا فأبى زين العابدين (ع) ان يقبل ذلك منه، أو يجيبه عن كتابه فلما يئس المختار
من زين العابدين كتب الى عمه محمد بن الحنفية يريده على مثل ذلك فأشار عليه زين العابدين أن لا يجيبه الى شئ من ذلك، فان الذي
يحمل على ذلك طلب الرياسة والملك فأتى ابن الحنفية عبد الله ابن عباس فأخبره بذلك،
فقال: لا تجيبه الى ذلك فانك لا تدري ما انت عليه من أمر ابن الزبير، فأطاع وسكت. وأشتد
أمر المختار بالكوفة وكثر رجاله ومال الناس إليه، ومنهم من يخاطبه بإمامة محمد بن الحنفية،
ومنهم من يرفعه عن هذا ويخاطبه بأن الملك يأتيه بالوحي
---
[115]
ويخبره بالغيب وكان من شأنه ما كان، فلما
سمع ابن الزبير ذلك غضب غضبا شديدا وكان محمد بن الحنفية بمكة يريد الحج فأحضره بن
الزبير وأشار عليه بالبيعة فأبى محمد بن الحنفية فحصره بن الزبير، ومن كان بمكة من
بني هاشم في الشعب وحبسهم في ذلك المكان وجمع لهم حطبا عظيما لو وقعت فيه شرارة من
نار لم يسلم من الموت أحد فبلغ ذلك المختار فنادى في أهل الكوفة أيها الناس قد حبس
امامكم فأدركوه فجمع أربعة آلاف رجل وأرسلهم مع أبي عبد الله الجدلي الى مكة لحرب ابن
الزبير وتخليص ابن الحنفية، فجلس ابن الزبير يوما وقال بايعتني الناس ما عدا هذا الغلام
يعني محمد بن الحنفية الموعد بيني وبينه الى ان تغرب الشمس ثم أضرم داره عليه فدخل
ابن عباس على ابن الحنفية، وقال يا ابن العم اني لا أمنه عليك فبايعه قال: سيمنعه عني
حجاب قوي، فجعل ابن عباس ينظر الى الشمس ويفكر في كلام ابن الحنفية، وقد كادت الشمس
ان تغرب إذ وافتهم خيل أهل الكوفة مع أبي عبد الله الجدلي، فما شعر بن الزبير إلا والرايات
تخفق على رأسه فجاؤا الى بني هاشم فأخرجوهم من الشعب وقالوا لابن الحنفية: أئذن لي
فأبى، وقال: لا تقتلوا إلا من قاتلكم وخرج ابن الحنفية الى ايلة جبل بين مكة والمدينة
فأقام بها سنين حتى مات فأختلفت الكيسانية وسموا بهذا الاسم لانتسابهم الى المختار
لان اسمه الكيسان، ولقبه المختار، وكنيته أبو عمرة وهو الذي شيع هذا المذهب بين الناس
فمنهم من قطع بموته، ومنهم من زعم انه لم يمت وإنه حي في جبال رضوى، وكان
كثير الشاعر كيسانيا ويقول: ان محمد بن الحنفية هو المهدي الذي يملا الارض قسطا وعدلا
كما ملئت جورا ويقول: ألا ان الائمة من قريش * ولاة الحق أربعة سواء علي والثلاثة من
بينه * هم الاسباط ليس بهم خفاء فسبط سبط إيمان وبر * وسبط غيبته كربلاء وسبط لا تراه
العين حتى * يقود الخيل يتبعها اللواء يغيب ولا يرى فيهم زمانا * برضوى عندهم عسل وماء
ومن دخل في مذهب الكيسانية اسماعيل الحميري ويعتقد امامة محمد بن الحنفية ويقول: إنما
غاب وسيظهر وله أبيات في ذلك منها: ألا قل للوصي فدتك نفسي * أطلت بذلك الجبل المقاما
وعادوا فيك أهل الارض طرا * مغيبك عنه سبعين عاما
---
المختار ابن عبيد ودعوى المهدوية الى محمد بن الحنفية
من طرف الباحث مظفر العميد |  نشر في : مايو 25, 2015
0 تعليقات
من كتاب شجرة طوبى للشيخ مهدي الحائري: ج 1 بعد ذكره وقعة الحرة
واحراق الكعبة من قبل جيش يزيد لعنه الله وفيه ذكر ان اول ادعياء المهدوية ونسبتها الى
محمد بن الحنفية هو المختار بن عبيد فقال
* قد اخرق المقام والمصلى ووقعت صاعقة من
السماء فاحرق من اصحاب المجانيق احد عشر رجلا، وقيل: اكثر من ذلك وهو يوم السبت لثلاث
خلون من شهر ربيع الاول قبل وفاة يزيد بأحد عشر يوما فيا لله من طغات بني امية، ومن
شقاوتهم واجترائهم على الله حيث ما اكتفوا برمي الاحجار، والنبال الى بيت الله الحرام
حتى اضرموا فيه النار واحرقوه وليس هذا ببعيد من قوم احرقوا خيم ابن رسول الله، وسلبوا
عياله ففي اليوم الرابع عشر من شهر ربيع الاول من سنة اربع وستين من الهجرة، هلك يزيد
بن معاوية فعند ذلك اشتد امر ابن الزبير بمكة، وكثر جمعه ونفذت كلمته، وبايعه جم غفير
وممن بايعه المختار وكان يومئذ بمكة وداخلا في احفاد عبد الله بن الزبير فقال المختار
يوما لابن الزبير: اني لاعرف قوما لو أتاهم رجل له رفق وعلم بما يأتي لاستخرج لك منهم
جندا تغلب انت بهم بني امية قال: من هم ؟ قال: شيعة علي (ع) بالكوفة قال: كن انت ذلك
الرجل فبعثه الى الكوفة فنزل المختار ناحية من الكوفة، وجعل يظهر البكاء على الحسين
وشيعته ويظهر الحنين والجزع لهم، ويحث على اخذ الثار لهم والمطالبة بدمائهم، فمالت
الشيعة إليه وانضافوا الى جملته وسار المختار الى قصر الامارة، فاخرج عبد الله بن مطيع
الذي نصبه ابن الزبير واليا على الكوفة وابتنى لنفسه دارا واخذ نستانا انفق عليه اموالا
عظيمة اخرجها من بيت المال، وفرق الاموال على الناس تفرقة واسعة وكتب الى ابن الزبير
يعمله انه إنما خرج ابن مطيع لعجزه عن القيام بها فكتب إليه ان يحتسب به بما انفق من
بيت المال، فأبى ابن الزبير ذلك عليه فخلع المختار طاعته وجحد بيعته، وكتب المختار
كتابا الى علي بن الحسين (ع) يريد ان يبايع ويقول بامامته ويظهر دعوته وانفذ إليه مالا
كثيرا فأبى زين العابدين (ع) ان يقبل ذلك منه، أو يجيبه عن كتابه فلما يئس المختار
من زين العابدين كتب الى عمه محمد بن الحنفية يريده على مثل ذلك فأشار عليه زين العابدين أن لا يجيبه الى شئ من ذلك، فان الذي
يحمل على ذلك طلب الرياسة والملك فأتى ابن الحنفية عبد الله ابن عباس فأخبره بذلك،
فقال: لا تجيبه الى ذلك فانك لا تدري ما انت عليه من أمر ابن الزبير، فأطاع وسكت. وأشتد
أمر المختار بالكوفة وكثر رجاله ومال الناس إليه، ومنهم من يخاطبه بإمامة محمد بن الحنفية،
ومنهم من يرفعه عن هذا ويخاطبه بأن الملك يأتيه بالوحي
---
[115]
ويخبره بالغيب وكان من شأنه ما كان، فلما
سمع ابن الزبير ذلك غضب غضبا شديدا وكان محمد بن الحنفية بمكة يريد الحج فأحضره بن
الزبير وأشار عليه بالبيعة فأبى محمد بن الحنفية فحصره بن الزبير، ومن كان بمكة من
بني هاشم في الشعب وحبسهم في ذلك المكان وجمع لهم حطبا عظيما لو وقعت فيه شرارة من
نار لم يسلم من الموت أحد فبلغ ذلك المختار فنادى في أهل الكوفة أيها الناس قد حبس
امامكم فأدركوه فجمع أربعة آلاف رجل وأرسلهم مع أبي عبد الله الجدلي الى مكة لحرب ابن
الزبير وتخليص ابن الحنفية، فجلس ابن الزبير يوما وقال بايعتني الناس ما عدا هذا الغلام
يعني محمد بن الحنفية الموعد بيني وبينه الى ان تغرب الشمس ثم أضرم داره عليه فدخل
ابن عباس على ابن الحنفية، وقال يا ابن العم اني لا أمنه عليك فبايعه قال: سيمنعه عني
حجاب قوي، فجعل ابن عباس ينظر الى الشمس ويفكر في كلام ابن الحنفية، وقد كادت الشمس
ان تغرب إذ وافتهم خيل أهل الكوفة مع أبي عبد الله الجدلي، فما شعر بن الزبير إلا والرايات
تخفق على رأسه فجاؤا الى بني هاشم فأخرجوهم من الشعب وقالوا لابن الحنفية: أئذن لي
فأبى، وقال: لا تقتلوا إلا من قاتلكم وخرج ابن الحنفية الى ايلة جبل بين مكة والمدينة
فأقام بها سنين حتى مات فأختلفت الكيسانية وسموا بهذا الاسم لانتسابهم الى المختار
لان اسمه الكيسان، ولقبه المختار، وكنيته أبو عمرة وهو الذي شيع هذا المذهب بين الناس
فمنهم من قطع بموته، ومنهم من زعم انه لم يمت وإنه حي في جبال رضوى، وكان
كثير الشاعر كيسانيا ويقول: ان محمد بن الحنفية هو المهدي الذي يملا الارض قسطا وعدلا
كما ملئت جورا ويقول: ألا ان الائمة من قريش * ولاة الحق أربعة سواء علي والثلاثة من
بينه * هم الاسباط ليس بهم خفاء فسبط سبط إيمان وبر * وسبط غيبته كربلاء وسبط لا تراه
العين حتى * يقود الخيل يتبعها اللواء يغيب ولا يرى فيهم زمانا * برضوى عندهم عسل وماء
ومن دخل في مذهب الكيسانية اسماعيل الحميري ويعتقد امامة محمد بن الحنفية ويقول: إنما
غاب وسيظهر وله أبيات في ذلك منها: ألا قل للوصي فدتك نفسي * أطلت بذلك الجبل المقاما
وعادوا فيك أهل الارض طرا * مغيبك عنه سبعين عاما
---